من تحت الجحيم: نظام إيران يستغيث بالسعودية وقطر وعُمان
من تحت الجحيم الذي يتساقط عليها من السماء ومن الأرض، بدأت إيران تبحث عن وسطاء للتدخل والضغط على إسرائيل لإيقاف الحرب التي كسرت ناموس النظام الإيراني، وكشفت عوراته وهشاشته وزيف ادعاءاته.
خنوعٌ إيرانيٌّ- وإن كان على استحياء ومن خلف الكواليس- يبديه النظام لوسطاء، يطمح أن يعينوه على وقف النزيف السياسي والعسكري والاقتصادي والشعبي، في وقت تشهد فيه العاصمة طهران نزوحـًا غير مسبوق، فيما تشهد إيران كلها استياءً شعبيًا وخيبة أمل غير مسبوقة في قدرات النظام الإيراني الذي عجز عن ردع العدوان الإسرائيلي وظهر بمستوى أقل بكثير مما يقدم نفسه للشعب وللعالم.
وفي الوقت الذي تبث وسائل إعلام إيران تحذيرات إيرانية لمواطني إسرائيل بمغادرة البلد، تنقل وكالة رويترز عن مسؤولين إيرانيين وثلاثة مصادر إقليمية أن "إيران تطلب من قطر والسعودية وعُمان حثّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الضغط على إسرائيل من أجل وقف فوري لإطلاق النار"، وبالتزامن تنقل جريدة وول ستريت جورنال أن: "إيران بعثت رسائل إلى إسرائيل, تقول فيها إن من مصلحة الطرفين احتواء العنف وعدم تصعيده".
قد يكون الطلب الإيراني خدعةً من خُدع الكهنة الذين يتذكرهم التاريخ بالخداع والزيف، لكنه موقف يؤكد أن نظام إيران واقع تحت ضغط لا يُحتمل.
فمنذ أن اندلعت المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، تكبدت إيران خسائر كبيرة، عتادًا وعدةً ومنشآت ومكانةً وموقعًا.
ورغم الرد الإيراني على إسرائيل، فإن المقارنة بين مستوى العمليات وحجم الخسائر ما زالت ترجح تفوق إسرائيل عسكريًا واستخباريًا، يمكن إيضاحها في التفاصيل التالية:
منذ الثالث عشر من يونيو 2025 تشهد إيران سلسلة من الغارات الجوية والعمليات البرية والاستخبارية الإسرائيلية، في واحدة من أوسع الضربات العسكرية التي تستهدف البنية التحتية النووية والعسكرية الإيرانية.
وشنّ سلاح الجو التابع للكيان الإسرائيلي خمس موجات متتالية من الهجمات، شاركت فيها نحو 200 طائرة مقاتلة وطائرات مسيّرة، مستهدفةً أكثر من 150 موقعًا عسكريًا ومنشأة نووية داخل إيران.
وشملت الضربات منشآت نطنز وفوردو وبارتشين النووية، بالإضافة إلى قواعد للدفاع الجوي ومخازن صواريخ، حيث تم تدمير ما يقارب 120 منصة إطلاق صاروخي، وهو ما يعادل ثلث القدرة الصاروخية الإيرانية المعلنة.
وفي سياق متصل، تعرضت إيران لفضيحة اختراق غير مسبوقة؛ إذ نفذت وحدات خاصة تابعة للموساد الصهيوني عمليات نوعية من داخل الأراضي الإيرانية طالت بطاريات للدفاع الجوي ومراكز مراقبة ومخازن للأسلحة، وأسفرت عن تحييد عدد من القيادات العسكرية.
وبحسب التقديرات، فقد استهدفت هذه العمليات أكثر من 400 عنصر إيراني، بينهم عشرات القادة العسكريين البارزين، إلى جانب اغتيال ما لا يقل عن 14 عالمًا نوويًا، وتجاوز عدد الجرحى الإيرانيين 1300 مصاب.
وفي ردها على الهجمات، أطلقت إيران ما يزيد عن 370 صاروخًا باليستيًا وطائرات مسيّرة، استهدفت مواقع عسكرية ومدنية في إسرائيل، ما أدى إلى مقتل 24 شخصًا وإصابة أكثر من 400 آخرين، إلى جانب أضرار لحقت بمصفاة نفط ومقر دبلوماسي أمريكي في تل أبيب.
وبالرغم من الرد الإيراني، فإن التقديرات العسكرية والسياسية والشعبية تعتبره أقل بكثير مما كان متوقعًا، ويكشف زيف الدعاية التي يسوقها النظام الإيراني عن قدرات خارقة مزعومة.
وفيما اقتصر الرد الإيراني على الصواريخ الباليستية، فإن القدرات الصاروخية المتبقية باتت محدودة، حيث يُقدّر المخزون القابل للاستخدام بنحو 2000 صاروخ، بعد إطلاق 370 صاروخًا، فيما تم تدمير منصات إطلاق رئيسية ضمن الموجة الجوية الأولى من القصف الجوي.
هذه المقارنة التي يتابعها العالم ويقرأ تفاصيلها الشعب الإيراني بحسرة وألم وغبن، وبخيبة أمل كبيرةٍ من نظام ظل يبيع لشعبه أوهام القدرة الخارقة، وانكشف ضعفه وزيفه في ثلاثة أيام.