وثائقي "المعركة الأخيرة"، الذي بثته قناة العربية، وعلى الرغم من محاولته توثيق اللحظات المفصلية في نهاية حياة الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية الأسبق، إلا أنه وقع في أخطاء جوهرية، أبرزها الاجتزاء المخل لشهادات عدد من المتحدثين مثل مدين،و المداني، والأكوع، و أبو شوارب، وعبدالعزيز القاضي.كما فهمت من بعضهم

ومع ذلك، فقد نجح الوثائقي- ولو عن غير قصد- في الإشارة إلى واحدة من أكثر بقاع اليمن، منطقة الجحشي، التي ستظل شاهدةً على أولى فصول معركة القادسية الثالثة، باعتبارها البقعة التي ارتقت فيها روح الزعيم إلى بارئها، شامخة كما عاش، صلبة كما عرفه اليمنيون.

تلك البقعة، في قلوب الأحرار، لم تعد مجرد مكان؛ بل صارت رمزًا لمعركة اليمنيين ضد مشروع الظلام والرجعية والإمامة، وستظل كذلك، حتى يحين يوم تتحول فيه إلى مكان يقصده اليمنيون في 4 ديسمبر كل عام لاستلهام دروس الشجاعة والتضحية والفداء التي جسدها الزعيم الشهيد، حتى لا ينسى اليمنيون- جيلًا بعد جيل- كيف حاولت الإمامة أن تعود من نافذة التاريخ، وكيف واجهها صالح بسلاحه ودمه.

لم تكن "المعركة الأخيرة" كما سماها الوثائقي، بل كانت بداية معركة طويلة ومقدسة يخوضها ثوار ديسمبر جنبًا إلى جنب مع كل القوى الوطنية الجمهورية، معركة لاستعادة الدولة، وتحرير صنعاء، ودفن خرافة الولاية، وقطع يد إيران، واستعادة اليمن مكانه الطبيعي داخل محيطه العربي.

ولن تكتمل هذه المعركة إلا عندما يُسقط اليمنيون صنمية "عبدالملك الحوثي" وينصبون- في ذات الوقت- تمثال الزعيم ورفيق دربه الأمين عارف الزوكا في ميدان التحرير بصنعاء، وفي "الجحشي" تحديدًا، حيث ستكون تلك الأرض شاهدة على الإصرار اليمني، وعلى مواصلة الدرب حتى تحقيق أهداف ثورة الثاني من ديسمبر.

لقد جسد الزعيم صالح شجاعة الحميري الأصيل بأبهى صورها، ولعله لم يشبهه في نهايته البطولية إلا الشهيد القائد صدام حسين، رحمهما الله، وهذا المكان الذي لم يكن يعرفه اليمنيون من قبل صار اليوم على كل لسان رمزًا للمقاومة والكفاح، وسيبقى للأبد شاهدًا على وحشية أقذر عصابة عرفها تاريخ اليمن قديمًا وحديثًا، وعلى تضحية أشجع فرسان اليمن.

رحم الله الزعيم القائل: "أنا علي عبدالله صالح عفاش الحميري.. أنا تاريخ"، وهو بالفعل كذلك؛ تاريخ كتبه بدمه الطاهر، ليبقى دافعًا لاستمرار معركة الكرامة والحرية حتى يتحقق وعد الدولة ويُسدل الستار على عصر الركوع والخرافة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية