ما يتعرض له نظام الملالي في إيران، اليوم، ليس سوى تحصيل حاصل بعد أن خسر معادلة الردع، التي ظل يبنيها خارج حدود بلاده على مدى أربعة عقود.

اعتمدت استراتيجية نظام الملالي في طهران وعقيدته العسكرية على إدارة الحروب مع المجتمع الدولي عامة خارج النطاق الجغرافي لبلاده، وبعيدًا جدًا، وبدماء عربية وفاتورة خسائر بشرية ومادية عربية، وكما في المثل مع بعض التعديل "الدم من رأس العربي والحجر من القاع".

بدأت الاستراتيجية القتالية هذه لدى نظام الملالي في طهران منذ عامه الأول في الحكم نهاية سبعينيات القرن الماضي، وكانت البداية من لبنان حيث أسس قاعدة وُصفت بالمتينة، وأنفق عليها ما يوازي إنفاقه على جيشه في الداخل وحقق نجاحات آزرتها سيطرته في سوريا وعلى العراق، وكذلك سيطرته على صنعاء، رابع عاصمة عربية تقع في قبصته كما جاء في تصريحات قياداته.

استراتيجيته هذه بقدر ما حققت له نجاحًا مؤقتًا وأكسبته القدرة على المناورة في صراعه مع المجتمع الدولي بعض الوقت، بقدر ما أضعفته في الداخل؛ لأنه لم يكن يعوّل على قواته داخل حدود جغرافيته، وبذلك كان الإنفاق والتسليح منصبًّا على قواعده المليشياوية في لبنان وسوريا والعراق واليمن، الأمر الذي جعله مستكينًا ومسترخيًا داخل جغرافيته، وحين وجد نفسه بحاجة قواته في الداخل لم يجد سوى مضادات أرضية "عيارات رشاشة" أكثر ما يمكن أن تحققه أنها تضيء الطريق في سماء طهران أمام طائرات الاحتلال الإسرائيلي.

وفي المقابل: هذه الاستراتيجية لنظام ملالي طهران "معادلة الردع خارج الحدود"- وتحديدًا في لبنان- جعلت الكيان الصهيوني يعيش كما لو أنه في حالة حرب دائمة وعلى مدار الساعة، الأمر الذي جعله يسخِّر جل إمكانياته في بناء وتحديث القوة وتحصين جبهته الداخلية والاستعداد فوق الجيد لمثل هذه الحرب، التي أثبت تفوقه فيها بسيطرته التامة على أجواء طهران منذ الساعات الأولى.

هذه الحرب- وإن بدت مفاجئة- إلا أنها في الوقع ليست كذلك؛ فهي امتداد لمقتل حسن نصر الله وهزيمة نظام الملالي في لبنان، ولعل ما دفع الكيان الصهيوني للإسراع بها سقوط نظام الوصاية الإيرانية في سوريا، الذي قلّم مخالب طهران في بغداد؛ وأما أدواتها في اليمن فقد أثبتت الأحداث أنها بائسة وأكثر ما يمكنها فعله إطلاق صاروخ بين الفينة والأخرى يتم اعتراضه وتدميره في الجو.

ومن صور الاختلال في موازين القوى بين الكيان الصهيوني وملالي طهران، إطلاق مسيّرات، بل وصواريخ من داخل الأراضي الإيرانية وبأيادٍ إيرانية على منشآت الحرس الثوري الإيراني.

وفي مقابل الجبهة الداخلية المحصنة للكيان الصهيوني: يتمنى غالبية الشعب الإيراني هزيمة نظام الملالي وزواله.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية